فصل: قال الشعراوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأيًّا ما كان فهم إذا أدخلوا الجنّة كانوا خالدين فيها فلا ينقطع عنهم نعيمها.
وهو معنى قوله: {عطاء غير مجذوذ}.
والمجذوذ: المقطوع.
وقرأ الجمهور: {سَعِدوا} بفتح السّين، وقرأه حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم، وخلف بضم السّين على أنّه مبني للنائب، وإن كان أصل فعله قاصرًا لا مفعول له؛ لكنّه على معاملة القاصر معاملة المتعدّي في معنى فُعِل به ما صيّره صاحب ذلك الفعل، كقولهم: جُنّ فلان، إذا فُعل به ما صار به ذَا جنون، ف: {سُعِدوا} بمعنى أسعدوا.
وقيل: سَعِد متعدّ في لغة هذيل وتميم، يقولون: سَعِدَه اللّهُ بمعنى أسْعَدَهُ.
وخُرّج أيضًا على أن أصله أسعدوا، فحُذف همز الزيادة كما قالوا مجنُوب (بموحدة في آخره)، ومنه قولهم: رجل مَسعود.
{فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ}
تفريع على القصص الماضية فإنها تكسب سامعها يقينًا بباطل ما عليه عبدة الأصنام وبخيبة ما أملوه فيهم من الشّفاعة في الدنيا وإن سابق شقائهم في الدنيا بعذاب الاستئصال يُؤذن بسوء حالهم في الآخرة، ففرع على ذلك نهي السامع أن يشك في سوء الشّرك وفساده.
والخطاب في نحو: {فلا تك في مرية} يقصد به أيُّ سامع لا سامعٌ معيّن سواء كان ممّن يظنّ به أن يشكّ في ذلك أم لا إذ ليس المقصود معيّنًا.
ويجوز أن يكون الخطاب للنبيء صلى الله عليه وسلم ويكون: {فلا تك} مقصودًا به مجرّد تحقيق الخبر فإنّه جرى مجرى المثل في ذلك في كلام العرب مثل كلمة: لا شكّ، ولا محالة، ولا أعرفنّك، ونحوها.
ويجوز أن يكون تثبيتًا للنبيء صلى الله عليه وسلم على ما يلقاه من قومه من التصلّب في الشرك، أي لا تكن شاكًّا في أنّك لقيت من قومك من التكذيب مثل ما لقيه الرّسل من أممهم فإنّ هؤلاء ما يعبدون إلاّ عبادة كما يعبد آباؤهم من قبل متوارثينها عن أسلافهم من الأمم البائدة.
و: {في} للظرفية المجازية.
والمرية بكسر الميم: الشكّ.
وقد جاء فعلها على وزن فَاعَل أو تَفاعل وافتعل.
ولم يجئ على وزن مجرّد لأنّ أصل المراد المجادلة والمدافعة مستعارًا من مريْتُ الشاة إذا استخرجت لبنها.
ومنه قولهم: لا يجارى ولا يُمارى.
وفي القرآن: {أفتمارونه على ما يرى} [النجم: 12].
وقد تقدّم الامتراء عند قوله: {ثم أنتم تمترون} في أوّل [الأنعام: 2].
و: {ما} في قوله: {ما يعبد} مصدريّة، أي لا تك في شكّ من عبادة هؤلاء، والإشارة بهؤلاء إلى مشركي قريش.
وقد تتبعتُ اصطلاح القرآن فوجدته عَنَاهُمْ باسم الإشارة هذا في نحو أحد عشر موضعًا وهو ممّا ألهمت إليه ونبّهتُ عليه عند قوله تعالى: {وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا} في سورة [النساء: 41].
ومعنى الشكّ في عبادتهم ليس إلاّ الشكّ في شأنها، لأنّ عبادتهم معلومة للنبيء صلى الله عليه وسلم فلا وجه لنفي مريته فيها، وإنّما المراد نفي الشك فيما قد يعتريه من الشكّ من أنهم هل يعذّبهم الله في الدنيا أو يتركهم إلى عقاب الآخرة.
وجملة: {ما يعبدون إلاّ كما يعبد آباؤهم من قبل} مستأنفة، تعليلًا لانتفاء الشكّ في عاقبة أمرهم في الدّنيا.
ووجه كونه علّة أنّه لمّا كان دينهم عين دين من كان قبلهم من آبائهم وقد بلغكم ما فعل الله بهم عقابًا على دينهم فأنتم توقنون بأنّ جزاءهم سيكون مماثلًا لجزاء أسلافهم، لأنّ حكمة الله تقتضي المساواة في الجزاء على الأعمال المتماثلة.
والاستثناء بقوله: {إلاّ كما يعبد} استثناء من عموم المصادر.
وكاف التشبيه نائبة عن مصدر محذوف.
التّقدير: إلاّ عبادة كما يعبد آباؤهم.
والآباء: أطلق على الأسلاف، وهم عاد وثمود.
وذلك أنّ العرب العدنانيين كانت أمّهم جرهمية، وهي امرأة إسماعيل، وجرهم من إخوة ثمود، وثمود إخوة لعاد، ولأنّ قريشًا كانت أمهم خزاعيّة وهي زوج قصيّ.
وعبادة الأصنام في العرب أتاهم بها عمرو بن يحيى، وهو جدّ خزاعة.
وعبّر عن عبادة الآباء بالمضارع للدّلالة على استمرارهم على تلك العبادة، أي إلاّ كما اعتاد آباؤُهم عبادتهم.
والقرينة على المضي قوله: {من قبلُ}، فكأنّه قيل: إلاّ كما كان يعبد آباؤهم.
والمضاف إليه: {قَبْلُ} محذوف تقديره: من قبلهم، تنصيصًا على أنّهم سلفهم في هذا الضّلال وعلى أنّهم اقتدوا بهم.
وجملة: {وإنّا لموفّوهم نَصيبَهُمْ} عطف على جملة التّعليل، والمعطوف هو المعلول، وقد تسلّط عليه معنى كاف التّشبيه لذلك.
فالمعنى: وإنّا لموفوهم نصيبَهم من العذاب كما وفّينا أسلافهم.
والتوفية: إكمال الشيء غير منقوص.
والنصيب: أصله الحظ.
وقد استعمل (موفوهم) و(نصيبَهم) هنا استعمالًا تهكّميًا كأنّ لهم عطاء يسألونه فَوُفوه، فوقع قوله: {غيرَ منقوص} حالًا مؤكدة لتحقيق التّوفية زيادة في التهكم، لأنّ من إكرام الموعود بالعطاء أن يؤكد له الوعد، ويسمى ذلك بالبشارة.
والمراد نصيبهم من عذاب الآخرة، فإنّ الله لم يستأصلهم كما استأصل الأمم السابقة ببركة النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال: لعلّ الله أن يخرج من أصلابهم من يعبده. اهـ.

.قال الشعراوي:

{يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ}
وهنا جمع الحق سبحانه جماعة في حكم واحد، فقوله تعالى: {لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ} [هود: 105].
يعني: لا تتكلم أي نفس إلا بإذن الله، وقد كانوا يتكلمون في الحياة الدنيا بطلاقة القدرة التي منحهم أياها الله سبحانه حين أخضع لهم جوارحهم.
وجعل الحق سبحانه الجوارح مؤتمرة بأمر الإنسان؛ وشاء سبحانه أن يجعل بعضًا من خلقه نماذج لقدرته على سلب بعض تلك الجوارح؛ فتجد الأخرس الذي لا يستطيع الكلام؛ وتجد المشلول الذي لا يستطيع الحركة؛ وتجد الأعمى الذي لا يبصر، وغير ذلك..
وبتلك النماذج يتعرف البشر على حقيقة واضحة هي أن ما يتمتعون به من سيطرة على جوارحهم هو أمر موهوب لهم من الله تعالى؛ وليست مسألة ذاتية فيهم.
وقول الحق سبحانه: {يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} [هود: 105].
يبيِّن لنا سبحانه حقيقة تسخير الجوارح لطاعتنا في الدنيا، فهي ترضخ لإرادتنا؛ لأنه سبحانه شاء أن يسخرها لأوامرنا ولانفعالاتنا، ولا أحد فينا يتكلم إلا في إطار الإذن العام للإرادة أن تنفعل لها الجوارح.
وقد يسلب الله سبحانه هذا الإذن فلا تنفعل الجوارح للإرادة، فتجد الحق سبحانه يقول في آية أخرى.
{لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحمن وَقَالَ صَوَابًا} [النبأ: 38].
ويقول الحق عز وجل في آية أخرى: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} [الصافات: 27].
وهناك آية أخرى يقول فيها الحق سبحانه: {هذا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} [المرسلات: 3536].
ويقول الحق سبحانه أيضًا: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا} [النحل: 111].
وفي موضع آخر يقول سبحانه: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ} [الصافات: 24].
وهكذا قد يُخيَّل للبعض أن هناك آيات تناقض بعضها؛ فهناك آيات تسمح بالكلام، وهناك آيات تنفي القدرة على الكلام.
وأقول: يجب أن نفهم أن الكلام الذي سيعجز الأشقياء عن نطقه يوم القيامة هو الكلام المجدي النافع، وسيتكلم البعض كلام السفسطة الذي لا يفيد، مثل لومهم بعضهم البعض؛ وذكره لنا القرآن في قوله سبحانه: {وَقَال الَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَا أَرِنَا الذين أَضَلاَّنَا مِنَ الجن والإنس نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا} [فصلت: 29].
وهذا كلام لا يشفع لصاحبه ولا يجدي.
إذن: فالممنوع هو الكلام المجدي المفيد، أو أن مقامات القيامة متفاوتة؛ فوقت يتكلمون فيه؛ ووقت يؤخذون فيه، فينبهرون ولا يتكلمون، ويأمر الحق سبحانه الجوارح المنفعلة أن تتكلم وتشهد عليهم.
ويقسِّم الحق سبحانه أحوال الناس قسمين، كما في قوله تعالى في آخر الآية: {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [هود: 105].
وجاء بالاسم المحدد لكل من القسمين: شقي وسعيد؛ لأن الاسم يدل على الثبوت، فالشقاء ثابت لمن نُعت بالشقي؛ والسعادة ثابتة لمن نُعت بالسعيد.
ثم يبيِّن لنا الحق سبحانه منازل مَنْ شَقُوا، ومنازل مَنْ سُعِدوا؛ ولذلك يعدل عن استخدام الاسم إلى استخدام الفعل، فيقول سبحانه: {فَأَمَّا الذين شَقُواْ فَفِي النار}
والذين حكموا على أنفسهم بالشقاء لخروجهم عن منهج الله؛ يجمعهم الشقاء؛ لكنهم يدخلون النار أفرادًا وزُمَرًا.
والحق سبحانه يقول: {وَسِيقَ الذين كفروا إلى جَهَنَّمَ زُمَرًا} [الزمر: 71].
وفي آية أخرى يقول سبحانه: {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا} [الأعراف: 38].
وهكذا نفهم أن الكافرين في الوصف الثابت أشقياء، لكنهم لحظة دخول النار إنما يدخلونها أفرادًا؛ بل ويدخل معهم بعض من المسلمين العصاة، ويتلقى كل واحد منهم عقابه المناسب لما ارتكب من الذنوب والمعاصي؛ ويعاني كل منهم من شقاء يتناسب مع آثامه؛ وبذلك يجتمعون في الشقاء ويختلفون في نوع وكمية العذاب؛ كلٌّ حسب ذنوبه، ولا يظلم ربك أحدًا.
وجاء الحق سبحانه هنا بالفعل {شقوا} ليبيِّن لنا أنهم هم الذين اختاروا الشقاء؛ وأتوا به لأنفسهم؛ لأن الحق سبحانه خلق عباده وترك لكل منهم حق الاختيار؛ وأنزل لهم المنهج؛ ليصونوا أنفسهم؛ وأعان من اختار الإيمان على الطاعة.
ثم يذكر الحق سبحانه في نفس الآية موقف مَنْ أدخلوا على أنفسهم الشقاء، فيقول عنهم: {فَفِي النار لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} [هود: 106].
ونحن نعلم أن الذي يتنفس في النار سيخرج الهواء من صدره ساخنًا مثلما يأخذ الشهيق ساخنًا.
ويواصل الحق سبحانه وتعالى وَصْفَ ما يتلقاه أهل الشقاء في النار، فيقول سبحانه: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السماوات والأرض}
وكلمة الخلود تفيد المكث طويلًا؛ مكوثًا له ابتداء ولا نهاية له؛ وإذا أبِّد فهو تأكيد للخلود.
والذين شقوا إنما يدخلون النار؛ بدءًا من لحظة: {يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} [هود: 105].
وهو عذاب لا نهاية له بالنسبة للكافرين.
وأما عذاب المسلم العاصي على ما ارتكب من آثام؛ فبدايته من لحظة انتهاء الحساب إلى أن تنتهي فترة عذابه المناسبة لمعاصيه؛ ويدخل الجنة من بعد ذلك.
ولهذا قال الحق سبحانه: {إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ} [هود: 107].
وهكذا ينقص الحق سبحانه الخلود في النار بالنسبة لأنصاف المؤمنين، فالحق سبحانه: {فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} [هود: 107] ولا يحكمه أي شيء.
وإياكم أن تظنوا أن قدر الله يحكمه؛ فالقدر فِعْلُه، ولا أحد يسأل الله سبحانه عمَّا يفعل؛ لأن ذات الله هي الفاعلة؛ فإن شاء سبحانه أن ينقص خلود مسلم عاصٍ في النار؛ فالنقص يكون في النهاية؛ وبذلك يتحقق أيضًا نقص خلوده في الجنة، لأنه لا يدخلها إلا بعد أن يستوفي عقابه.
وبهذا التصور ينتهي الإشكال الذي اختلف حوله مائة وخمسون عالمًا؛ فقد ظن بعضهم أن الحق سبحانه يغلق أبواب النار على من أدخلهم إياها، ويستمر ذلك إلى ما لا نهاية، وكذلك من دخل الجنة من البداية سيظل فيها أبدًا، ولن يُلحق الله أصحاب الكبائر بالجنة، ومن قال بذلك الرأي إنما يُسوِّي بين من ارتكب الكبيرة وبين الكافر بالله، وهذا أمر غير متصور، وهو بعيد عن رحمة الله.
وإذا كان هذا البعض من العلماء قد استدل على رأيه بالآية الكريمة التي جاءت في سورة الجن، والتي يقول فيها الحق سبحانه: {إِلاَّ بَلاَغًا مِّنَ الله وَرِسَالاَتِهِ وَمَن يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [الجن: 23].
فنحن نقول: إن الحق سبحانه يربِّب لطفه للكافر حتى يؤمن، وللعاصي حتى يتوب، وهذا من رحمة الله سبحانه، فتأبيد الخلود في العذاب لم يرد إلا في آيتين، وهذا دليل على عظيم رحمة الله وسِعَة عفوه سبحانه.
ولذلك قيل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه رحمة الله للعالمين؛ وكلمة العالمين جمع عالَم والعالَم هو ما سِوى الله تعالى.
ولذلك هناك رحمة للكافر؛ هي عطاء الله له في الدنيا.
وهكذا نعلم أن الله سبحانه هو الذي يملك نواميس الكون، ولم يتركها تفعل وحدها، بل يزاول سبحانه سلطانه عليها، وما دام القدر هو فعله سبحانه؛ فهو يغيِّر فيه كما يشاء.
فهو سبحانه رب الزمان والمكان والحركة، وما دام هو رب كل شيء فإنه فعال لما يريد، وهنا تخضع أبدية الزمان لمراده ومشيئته.
وقول الحق سبحانه: {مَا دَامَتِ السموات والأرض} [هود: 107].
نفهم منه أن الجنة أو النار لابد أن يوجد لهما ما يعلوهما ويظللهما، ولابد أن يوجدا فوق أرض ما.
وإذا قال قائل: إن الحق سبحانه قد ذكر في القرآن أن السماء سوف تمور وتنفطر.
نقول ردًا عليه: لا تأخذ آية في القرآن إلا بضميمة مثيلاتها.
ولذلك قال الحق سبحانه: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرض غَيْرَ الأرض والسموات} [إبراهيم: 48].
والحق سبحانه يورث أرض الجنة لمن يشاء؛ لأنه سبحانه هو القائل على لسان المؤمنين يوم القيامة: {وَأَوْرَثَنَا الأرض نَتَبَوَّأُ مِنَ الجنة حَيْثُ نَشَاءُ} [الزمر: 74].
أو لأن الإنسان له أغيار، وما حوله له أغيار.
ومن العجيب أن الإنسان المخدوم بالمادة الجامدة؛ وبالنبات النامي؛ وبالحيوان الذي يحس ويتحرك؛ هذا الإنسان قد يكون أطول عمرًا من بعض المخلوقات المسخَّرة لخدمته؛ لكنه أقل عمرًا من الشمس ومن القمر.
لكن الحق سبحانه هنا يصور عمر الإنسان في الآخرة؛ فكأنه سبحانه يعطي الأمد على أطول ما عرفنا من الأعمار؛ ولذلك قال سبحانه: {مَا دَامَتِ السموات والأرض} [هود: 107].
وإذا علَّق الله سبحانه شيئًا على شيء، فلابد أن يوجد هذا التعليق.